الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة حتى لا يُحَوٍّلَ من يدّعون السياسة بلادنا الى ملعب وشعبنا الى كرة يتقادفونها ويتلاعبون بها !

نشر في  03 سبتمبر 2014  (15:41)

كنت جالسا مع بعض الأصدقاء في نهاية الأسبوع الماضي بأحد المقاهي الشعبية في جهة لافايات بالعاصمة، ولفت انتباهي النقاش الذي كان يدور في الطاولة المحاذية لنا والذي جمع بين مجموعة من الشبان يتوسطهم كهل في العقد الخامس من عمره، وكان محور الحديث الانتخابات والأحزاب السياسية والقائمات والخلافات القائمة بين القواعد وأحزابها بسبب الأسماء التي وقع ترشيحها لتمثيل تلك الأحزاب في المعركة الانتخابية القادمة.. كانت هناك قناعة لدى هذه المجموعة أن الشعب سئم السياسة وملّ من السياسيين بسبب الكذب والنفاق وغياب العقلية التي تضع المصلحة الوطنية كأولوية مطلقة قبل المصالح الشخصية والحزبية، لكن في المقابل كان هناك حرص على عدم الإكتفاء بالفرجة وترك مستقبل البلاد والأجيال القادمة بين أيدي الفاشلين والإنتهازيين والحربائيين..
وهكذا نلاحظ أن الاهتمام بالسياسة والشأن العام أصبح أمرا مفروضا على التونسيين حتّى وإن كرهوا السياسة ونفروها، ذلك أن الخوف من المستقبل والسعي لإنقاذ البلاد والمشاركة الفعّالة في اختيار المترشحين هو الذي أعاد السياسة إلى واجهة اهتمامات الناس، علاوة على ذلك فقد كان للأعداد الكبيرة من المترشحين والمُهرولين في اتجاه السلطة أثره السلبي لدى شريحة هامة من المجتمع الذين استغربوا هذا التدافع من أجل المناصب حتّى من قبل من ليس لهم علاقة بالسياسة على غرار بعض الأشخاص الذين جاءت بهم انتخابات 23 أكتوبر الماضية ليكتبوا دستورنا ويشرّعوا قوانيننا ويُسيّروا دواليب دولتنا، دون أن تكون لديهم الكفاءة المطلوبة والأمثلة على ذلك كثيرة...
إذن كانت المفاجأة مذهلة لعدد لا يُستهان به من المواطنين بعدما كشف رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار إن “1500 قائمة تتنافس في الانتخابات التشريعية بينها 910 حزبية و158 ائتلافية و472 مستقلة بإجمالي 15652 مرشحا”. ولاشك في أن هذا العدد الكبير من القائمات وإن كان يكشف في ظاهره عن حالة صحية إلا أنه يخفي في طياته عدة حقائق وإشكاليات لعل أهمها التكالب على السلطة واللهث وراء الكراسي علاوة على مسألة تشتيت الأصوات التي سيتسبب فيها هذا العدد المهول من المرشحين، وقد أظهرت الأيام القليلة الماضية التي سبقت وعقبت عملية الإعلان عن القائمات حجم الخلافات والأزمات داخل الأحزاب السياسية على خلفية اختيار القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية، وهو ما يُؤكد بأن المصالح الشخصية الضيقة هي التي طغت على سلوكيات وتصرّفات الأغلبية الساحقة من معشر السياسيين والمتحزّبين وهو ما يُفسّر نزيف الاستقالات والانشقاقات التي اجتاحت عددا من الأحزاب جراء رفض العديد من أعضائها لممثليهم في القائمات الانتخابية.
ما حدث في السياسة ذكّرني بما كان يحدث ولازال في الرياضة التي إختلط فيها الحابل بالنابل والتي تحوّلت إلى مرتع لكلّ من هب ودب ليُسيّر ويتحكّم ويُنهي ويأمر دون أن تكون له علاقة ولا دراية بالتسيير الرياضي وتربية الناشئة وتأطيرها، حتّى تخرّج لنا من مدارس هؤلاء أشباه لاعبين مستواهم وأخلاقهم وسلوكياتهم لا تزيد عن الأصفار مع استثناء البعض طبعا..
لذلك نخشى أن يُحوٌل السّاسة أو الذين يدّعون السياسة بلادنا إلى ملعب يستعرضون فيه «عضلاتهم» ويُحوّلون معه الشعب إلى كرة يتقاذفونها ويتلاعبون بها كما يحلو لهم حسب أهدافهم وأذواقهم ومُخططاتهم، لأن التّكالب على السلطة الذي نشهده اليوم وما رافقه وتبعه من خلافات وانشقاقات وعمليات انتدابات لأعضاء من التأسيسي ولأشخاص ووجوه مؤثرة أو ذات شعبية أو ذات نفوذ مالي جعلتنا نخشى على بلادنا، ونخشى أن يحوّل هؤلاء تونس إلى كعكة مرطبات يتقاسمونها فيما بينهم ويكون الشعب مثل « الأطرش في الزفّة» أو «شاهد ما شافشي حاجة».

بقلم: عادل بوهلال